دار ابن كثير
ضاءة في كتاب
“موسى كليم الله (عليه السلام).. عدو المستكبرين وقائد المستضعفين
بقلم: د. علي محمد الصلابي
إن هذا الكتاب “موسى كليم الله؛ عدو المستكبرين وقائد المستضعفين“،
إنما هو تتمّة لموسوعة أولي العزم وموسوعة “نشأة الحضارة الإنسانية
وقادتها العِظام”، والتي أعان الله عزّ وجل على إتمامها، والتي عشت معها
سنين عدّة باحثاً، ومتعلّماً، ودارساً في هذه المدرسة الربّانيّة العظيمة.
- فصول الكتاب
وقد
قسّمت هذا الكتاب إلى ستّة فصول، بحثت في الفصل الأول في جذور بني إسرائيل
التاريخية، وحياتهم في مصر. وفي الفصل الثاني: موسى عليه السلام: اسمه
ونسبه ومولده ومكانته بين الأنبياء والمرسلين، وعن السّور التي ذُكر فيها
موسى وهارون في القرآن الكريم والتي ذُكر فيها اسم فرعون والتي ذُكر فيها
بنو إسرائيل واليهود. أما في الفصل الثالث تناولت قصة موسى (عليه السلام)
في سورة القصص وطه والشعراء والنمل ويونس وهود وغافر والزخرف والدخان
والنازعات.
وفي
الفصل الرابع كانت قصة موسى (عليه السلام) في سورة الأعراف وإبراهيم (عليه
السلام). وفي الفصل الخامس كان الحديث عن قصة موسى (عليه السلام)، وقومه
في سورة البقرة، والمائدة، والنساء، والكهف. أما في الفصل السادس: أسباب
هلاك فرعون وقومه من الكفر والاستعلاء والظلم والاستكبار وانتهاك المحرمات
وتكذيب الرسل والاعتداء على الناس، وفضائل موسى (عليه السلام) وصفاته
فذكرتُ أهم صفات موسى (عليه السلام) من الإخلاص، والصبر، وعبوديته لله،
وتعظيمه لربّه، وخوفه منه، وشكره له، والتوكّل عليه، والإحسان والعلم
والقوة والأمانة، والحكمة وكثرة الدّعاء، والتواضع، والاعتراف بالخطأ
والشهامة ومساعدة الضعفاء والمروءة والشجاعة والعزيمة، وغير ذلك من الصفات،
ومن ثم وفاته.
سمات وخصائص قصة موسى كليم الله (عليه السلام) في القرآن الكريم
من أهم السمات والخصائص هي:
- جاءت بأسلوب فيه إطناب وتفصيل في كثير من المواضع.
- سورة
القصص على الرغم من اسمها الدّال على أكثر من قصة إلا أنها لم تعالج إلا
قصة موسى (عليه السلام)، وكأن في ذلك إشارة إلى أن هذه القصة لما اشتملت
عليه من دروس وعبِر، وما اشتملت عليه من مواقف، فإنها تستحق هذا الاسم
الجامع “القصص”، ففيها عِبرة القصص القرآني ودلالاتها جميعها. وفي جانب
المجتمع، قدّمت سورة القصص ثلاثة أطراف رئيسة: فرعون، والذي يمثل حقيقة
نموذج الاستبداد. والفئة المستضعفة، وتُشكّل من بني إسرائيل وبقية الشعب
المستضعف. والثالث: الفئة المسؤولة عن الإصلاح والتوجيه والإرشاد، وهذه
الفئة يمثلها موسى وهارون (عليهما السلام)، والمصلحين معه كمؤمن آل فرعون. - تكررت قصّة كليم الله موسى (عليه السلام)في
سورٍ وآيات كثيرة لحكمةٍ أرادها الله، وذلك لما احتوته من قصص ودروس
وعِبَر وعِظاتٍ لأهل الحقّ، ولما فيها من تسلية ومصابرة وتثبيت من الله
تعالى لخاتم الأنبياء والمرسلين ورسول العالمين محمَّد (ﷺ)، في دعوته إلى
الإسلام، ومواجهة الكفر والضّلال، والصَّبر على أذى المشركين، ونحن نجد بين
قصّة موسى – عليه السّلام – وقصّة رسول الله محمَّد (ﷺ) مواقفَ وأحداثاً
وحوارات متقاربة ومتماثلة. - إن
هذا الكتاب يجعلك، بإذن الله تعالى، تعيش مع موسى (عليه السلام) منذ
طفولته حتى وفاته، وأهم المحطّات التاريخيّة الكبرى التي مرّ بها في حياته
مع فرعون وقومه ومع بني إسرائيل، وما قام به من جهودٍ جبّارة في نصرة الحق،
ودعوة الناس للتوحيد، وإفراد الله بالعبادة وإنقاذ بني إسرائيل من ظلم
فرعون وإجرامه. - ذُكِر موسى (عليه السلام) في
القرآن مائة وستّاً وثلاثين مرّة، وذُكِر هارون – عليه السَّلام – في
القرآن الكريم تسعَ عشرةَ مرّة، وأمّا بنو إسرائيل فذكروا في القرآن إحدى
وأربعين مرّة. وكلمة (اليهود) وردت في القرآن تسع مرّات فقط، وبهذه
الإحصائية القرآنيّة نُدرك أنَّ أكثر السُّور حديثاً عن موسى كليم الله –
عليه السّلام – هي سورة البقرة والأعراف ويونس وطه والشُّعراء والنَّمل
والقَصَص وغافر والنَّازعات على نحوٍ مُطَوَّل، وذكر باسمه وبمواقفه في سور
أخرى كثيرة. - يقول
الشَّيخ سلمان العودة عن موسى (عليه السَّلام): “أحبّه؛ لأنه علَّمني
الكثير بعد رسول الله، وتعرَّفت إلى الله أكثر من خلال قصَّته، وأحببت أكثر
سور القرآن الّتي أطالت في قصته مثل سورة الأعراف وطه والقصص، وهي تقريباً
كلُّها عن موسى، فعندما أقرؤها أتخيّل تفاصيل القصّة، وأحسُّ أنّي أعيش في
جو إيمانيّ عظيم. - هيَّأ الله تعالى لنبيِّه ورسوله موسى (عليه السلام) أسباب
تبليغ الرِّسالة الرَّبانيّة في الدَّعوة إلى عبادة الله وحده ورعاية الله
لرسوله، جعلته يعيش وسط الطُّغيان آمناً مطمئنّاً داعياً إلى الحقّ مهما
كان بطش أعدائه ومكرهم، فهو في يُسر وحفظ ورعاية من الخالق تبارك وتعالى. - أخذ موسى (عليه السلام) مكانته
العظيمة في موكب الأنبياء والمرسلين والرَّهط الكرام الذين قادوا مواكب
المؤمنين وجموعهم على مرِّ الأزمان، وكان موسى – عليه السَّلام – من
الدُّعاة إلى الإيمان بالله، وحظي بالمكانة البالغة في قلوب العصبة المسلمة
حتّى يومنا هذا. - الطُّغاة
تأخذهم العِزَّة بالإثم والتَّكبُّر على دعوة الحقّ، وهم في كلِّ زمان
ومكان رافضون لدعوة الحقِّ والعدل، ويؤثرون الغَيَّ على الرُّشد. - قصّة موسى كليم الله (عليه السلام) تدعو كلَّ مؤمن إلى المداومة على ذِكر الله وأداء العبادات في السَّرّاء والضَّرّاء، وفي مواطن القوّة والضَّعف بلا كلل أو ملل.
- في
قصّة موسى دروس إيمانيّة ، أهمُّها أنَّ الإيمان إذا دخل قلب إنسان،
يطمئنُّ قلبه، وينشرح صدره، ولا يخشى أحداً سوى مولاه تبارك وتعالى، وأنَّ
الدَّعوة إلى الله أساسها اللُّطف واللِّين والرِّفق والإحسان والحُجّة
الدّامغة والبشارات بأنَّ خير نهاية للمؤمن والخاتمة الحسنة في لقاء ربه،
وهو راضٍ عنه.
انتهيت
من كتابة هذا الكتاب يوم الأربعاء بتاريخ 27 شعبان 1443ه/ 30 مارس 2022م،
في تمام الساعة الثانية وعشرة دقيقة ظهراً في مدينة الدوحة العامرة.
وأرجو من كل من يطّلع على هذا الكتاب ألا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربّه ومغفرته ورحمته ورضوانه من الدعاء، قال تعالى:
﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾
]الأحقاف:١٥[.
والحمد لله رب العالمين.
Reviews
There are no reviews yet.